الأوبئة بين التفسير العلمي والبعد الديني قراءة في المصادر المملوكية في القرن الخامس عشر

أميمة حسن المهدي حسن  حاصة على درجة دكتوراه  الفلسفة في دراسات وبحوث الحضارة قسم الحضارة الإسلامية في موضوع بعنوان (هجرة قبائل التركمان إلى إيران وآسيا الصغرى ق 5- 7 / 11 – 13 )، بتقدير مرتبة الشرف الأولى عام 2018.

ملخص: شهد العصر المملوكي انتشارا للأوبئة بشكل متكرر، والوباء صورة من صور انتشار الأمراض المعدية، فهي أمراض معدية تصيب أعداد كبيرة من البشر، وينتج عنها بالتالي اعداد كبيرة من الوفيات، ومع انتشار الموت والخوف تتغير مظاهر الحياة اليومية، وتتأثر به جميع مناحي الحياة، وفي ظل هذا الجو المليء بالخوف يفكر الناس في سبب ما حل بهم من موت وحزن وألم،  وتظهر التفسيرات المختلفة لانتشار الأوبئة، واحتفظ المؤرخون بهذه التفسيرات المختلفة، بالإضافة لتفسيراتهم هم أنفسهم لما حل بالناس من موت وألم.

وكما تعددت الخلفيات الثقافية والعلمية للمؤرخين اختلفت رؤيتهم وتفسيراتهم لانتشار الأوبئة، فبالرغم من وجود قدر ثابت من التعليم الديني لدى جميع المؤرخين إلا أن ثقافاتهم وخلفياتهم الاجتماعية وانخراطهم في أعمال مختلفة ما بين مهتم بالكتابة التاريخية في المقام الأول كالمقريزي، ورجال الدين من الفقهاء والمحدثين كالسيوطي، وابن حجر العسقلاني وغيرهم، قد انعكست بشكل واضح على تفسيراتهم للأوبئة والأمراض في عصرهم، وتنوعت هذه التفسيرات ما بين الديني المحض أو الأسطوري، أو الطبي العلمي، وأغلبها كان خليطا من هذه الاتجاهات.

ويهتم هذا البحث بالسياقات التي أوردها المؤرخون في العصر المملوكي لتفسير حدوث الأوبئة، حيث شغل التساؤل حول سبب حدوث الوباء وموت الناس والخوف والهلع الذي سيطر على المجتمع أذهان المؤرخين كما شغل أذهان كافة أفراد المجتمع، فذكر المؤرخون آراؤهم الخاصة كما رووا آراء طوائف المجتمع المختلفة عن أسباب انتشار الأوبئة.

ويقارن هذا البحث بين تفسيرات المؤرخين لظهور الاوبئة، مبينا أسباب اعتناق المؤرخ لرؤية ما، حيث يفترض الباحث تأثر المؤرخ بخلفيته العلمية والفكرية والثقافية في تفسيره لحدوث الأوبئة وانتشارها.